[ العطفة ] [ هودج ] [مركب ] [ الغبيط]
والمركب شئ مألوف عند كل البدو لاسيما الأغنياء منهم فهو هودج من خشب كالسرير يوضع على ظهر الناقة أو الجمل ، له أعمدة من عيدان ثخينة بارزة إلى فوق بحيث إذا نصب عليه قماش أصبح الهودج خيمة صغيرة أو كنا تتقي به المرأة عند السير نهارا في حرارة الشمس .
لقد ألف البدو هذه الهوادج منذ زمن امرئ القيس حين قال ، وقد سمي الهودج غبيطا :
ويوم دخلت الخدرخدر عنيزة = فقالت لك الويلات إنك مرجلي
تقول وقد مال الغبيط بنا معا = عقرت بعيري يامرأ القيس فانزل
فقلت لها سيري وأرخي زمامه = ولا تبعديني من جناك المعلل
وقد قرن الهودج منذ عرف بالمرأة فهو خاص بها، ويسمى باسمها إذا ركبت فيه ظعينة وتسمى هي ظعينة وقد قال زهير في معلقته :
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن = تحملن بالعلياء من فوق جرثم
بكرن بكورا واستحرن بسحرة = فهن ووادي الرس كاليد في الفم
وقال عمرو بن كلثوم :
قفي قبل التفرق ياظعينا = نخبرك اليقين وتخبرينا
والمركب البدوي على أنواع ، فمنه ماهو بحق بشكل مركب صغير أو قارب يوضع عرضا على الجمل ، ومنه ماهومستطيل ، ومنه ماهو أقرب إلى المكعب .
أما المركب الذي نحن بصدده أي عطفة
فهو مكعب مستطيل خشبي كالسرير ، مؤلف من قضبان كالأعمدة متشابكة بقضبان أخرى عند رؤوسها وفي أواسطها وأسافلها بحيث يظهر كالقفص دون غطاء ، علوه نحو مترين هو والسرج الذي يوضع تحت الجمل ، وطوله نحو مترين وثلاثة ارباع المتر ، وعرضه في قعره نحو نصف متر ، ونحو سبعين سنتيمترا في أعلاه حيث أن وجه الهودج من فوق أوسع من أسفله .
مزين بريش النعام الأسود ،وأنه يعتبر عند
البدو رمزا مقدسا ولا يستعمل أبدا إلا في الملمات ، فهو دائما في خيمة الأمير ، ولا يخرج منها إلا حين يسير الأمير مع قبيلته في البادية ، وقليلا مايفعل في مثل هذه السنين . وهو يمثل مجد القبيله
وعزها ومكانتها ، ومن هنا فهو أشبه بالعلم الكبير يحمله حامل اللواء في الجيش أمام أميره ، فإذا هوجمت القبيلة وكانت المعركة تقرر مصير هذه القبيلة ومكانتها بين القبائل ، يستنفر الشيخ الفرسان والرماة ، ثم يوعز إلى إحدى الفتيات العذارى من بناته أو بنات أسرته فتركب في العطفة على جمل يكون غالبا ابيض .ويحيط بها الفرسان من قبيلتها يتنادون بصيحة الحرب ويقسمون على الموت في الدفاع عنها قبل أن يصل إليها أحد من الأعداء . أنها معركة الذود عن حرمة القبيلة وشرفها وحماها وعزها وكرامتها .
ولا يخلوا الشعر العربي من مواقف يذكر فيها الشعراء كيف أن نساءهم تسير على أثارهم في المعارك تذكي نار الحماسة في المحاربين وتستحثهم على متابعة القتال وتردهم عن أن يتراجعوا أو ينكصوا في الحرب يقول عمرو ابن كلثوم :
على آثارنا بيض كرام = نحاذر أن تفارق أو تهونا
أخذن على بعولتهن عهدا = إذا لاقوا كتائب معلمينا
ليستلبن أبدانا وبيضا = وأسرى في الحديد مقرنينا
ثم أخذت العادة تتبلور عند البدو وتتخذ شكلا له مسحة دينية بحيث اصبح كما هي اليوم عند الرولة . فالعطفة عندهم شي مقدس .
والظاهر أن هذه العادة عادة الإعتماد على فتاة أو امراة تلهب حماسة المحاربين عند الملمات كانت مألوفة في تاريخ العرب القدماء . ولعل يوم حليمة اشهر مايمكن أن نذكر في هذه السبيل ، فقد كان يوما حاسما في تاريخ القبيلة ، وكان أخوها ابن الحارث قد ذبحه أعداؤه ضحية لآلهتهم ، فتنادى أهلها للثأر ، وركبت حليمة في القوم توزع على الفرسان الطيب ، وتحمسهم للثأر ولثبيت ملك أبيها وعز قبيلتها .
وفي معلقة الحارث بن حلزة اليشكري إشارة واضحة إلى مثل هذه العطفة عند ملوك بني غسان حين قال :
إذ أحل العلاة قبة ميسون = فأدنى ديارها العوصاء
وروي أن عمرو ابن هند لما قتل أبوه وجه أخاه النعمان وحشد مع اخوه من قدر عليه من أهل مملكته ، وأمره ان يقاتل بني غسان ومن خالف من بني تغلب ، فلما صار إلى الشام قتل ملكا من غسان واستنقذ أخاه امرأ القيس ابن المنذر وأخذ بنتا للملك في قبة لها وهي ميسون التي ذكرها الحارث بن حلزة .
ولقد كان يوم الجمل الذي ظهرت فيها عائشة أم المؤمنين رضي الله عنه تخطب في القوم تلك المعركة الفاصلة بين علي بن أبي طالب وبين صهريها الزبير وطلحة رضي الله عن الجميع يوما فاصلا في تاريخ النزاع الداخلي . وقد زعموا أن جملها أصبح كالقنفذ لكثرة ما أصابه من السهام وما بلغوا إليه حتى قتل حوله خلق كثير ، فلما بلغوا إليها وعقروا جملها ووقعت بيد علي أنتهت المعركة وقرر المصير .
ومن تقاليد البدو اليوم أنه متى أسرت العطفة انكسرت القبيلة واضطرت إلى أن ترضخ لخصومها وتسلم لهم بالتفوق والغلبة ولا ترد العطفة ، ولايعود للقبيلة المغلوبة حق في حيازة عطفة ثانية .
ولعل سياح الفرنجة في القرنين الأخيرين كانوا أول من تنبه إلى هذه الظاهرة في حياة البدو الحربية . فقد ذكر بيركهارت العطفة في حديثه عن معارك حدثت في الجزيره العربيه غير أن بلجريف ذكر عطفة عند عرب العجمان وزعم أنهم يسمونها هدية ، وأشار إلى معركة نشبت بينهم وبين النجديين من عرب فيصل بن عبد الله بن سعود في منتصف القرن التاسع عشر انتهت ببلوغ النجديين عطفة العجمان فتقدم فارس منهم نسي اسمه من الفتاة وطعنها بالرمح فقتلها وغلبت على أمرها العجمان وكذلك ديكسون أن هناك عطفات في جنوبي الجزيرة العربية .
وزعمت الشي نفسه الليدي آل بلنت ولكنها ذكرت أن سبب زوال العطفة من القبائل الأخرى هو ندرة ريش النعام الذي يزينونها به
ويزعم بعض البدو أنه كان لكل قبيلة عطفة بها.
شعر الفارس خلف الأذن الزيد الشعلان في المركب [ العطفة ] :
ان قدم المركب وعنده حقلنا = كم راس شيخ عن كتوفه نشيله
هذي فعول جدودنا هم وأهلنا = بالسيف نقدي تايهين الدليله
ماننعشق للبيض لو مافعلنا = ولا تلكد بعقوبنا كل أصيله
يقصد أنهم يقدمون العطفة ثم يلتفون عليها مجتمعين فيفتكون بأعدائهم ويقطعون رؤوس الكثيرين من شيوخ القبائل التي تناوئهم .:
والخلاصة من كل هذا أقول :
أن العطفة من عادات القبايل في الحروب وقد يكون في السابق لكل قبيلة عطفة أو لبعض القبايل دون بعض وبغض النظر عن ذلك فإن معظم القبائل فقدت هذه العطفة ولا اعلم قبيلة حافظت على عطفتها وملكتها إلى اليوم ولم يعد لها وجود .
والمركب شئ مألوف عند كل البدو لاسيما الأغنياء منهم فهو هودج من خشب كالسرير يوضع على ظهر الناقة أو الجمل ، له أعمدة من عيدان ثخينة بارزة إلى فوق بحيث إذا نصب عليه قماش أصبح الهودج خيمة صغيرة أو كنا تتقي به المرأة عند السير نهارا في حرارة الشمس .
لقد ألف البدو هذه الهوادج منذ زمن امرئ القيس حين قال ، وقد سمي الهودج غبيطا :
ويوم دخلت الخدرخدر عنيزة = فقالت لك الويلات إنك مرجلي
تقول وقد مال الغبيط بنا معا = عقرت بعيري يامرأ القيس فانزل
فقلت لها سيري وأرخي زمامه = ولا تبعديني من جناك المعلل
وقد قرن الهودج منذ عرف بالمرأة فهو خاص بها، ويسمى باسمها إذا ركبت فيه ظعينة وتسمى هي ظعينة وقد قال زهير في معلقته :
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن = تحملن بالعلياء من فوق جرثم
بكرن بكورا واستحرن بسحرة = فهن ووادي الرس كاليد في الفم
وقال عمرو بن كلثوم :
قفي قبل التفرق ياظعينا = نخبرك اليقين وتخبرينا
والمركب البدوي على أنواع ، فمنه ماهو بحق بشكل مركب صغير أو قارب يوضع عرضا على الجمل ، ومنه ماهومستطيل ، ومنه ماهو أقرب إلى المكعب .
أما المركب الذي نحن بصدده أي عطفة
فهو مكعب مستطيل خشبي كالسرير ، مؤلف من قضبان كالأعمدة متشابكة بقضبان أخرى عند رؤوسها وفي أواسطها وأسافلها بحيث يظهر كالقفص دون غطاء ، علوه نحو مترين هو والسرج الذي يوضع تحت الجمل ، وطوله نحو مترين وثلاثة ارباع المتر ، وعرضه في قعره نحو نصف متر ، ونحو سبعين سنتيمترا في أعلاه حيث أن وجه الهودج من فوق أوسع من أسفله .
مزين بريش النعام الأسود ،وأنه يعتبر عند
البدو رمزا مقدسا ولا يستعمل أبدا إلا في الملمات ، فهو دائما في خيمة الأمير ، ولا يخرج منها إلا حين يسير الأمير مع قبيلته في البادية ، وقليلا مايفعل في مثل هذه السنين . وهو يمثل مجد القبيله
وعزها ومكانتها ، ومن هنا فهو أشبه بالعلم الكبير يحمله حامل اللواء في الجيش أمام أميره ، فإذا هوجمت القبيلة وكانت المعركة تقرر مصير هذه القبيلة ومكانتها بين القبائل ، يستنفر الشيخ الفرسان والرماة ، ثم يوعز إلى إحدى الفتيات العذارى من بناته أو بنات أسرته فتركب في العطفة على جمل يكون غالبا ابيض .ويحيط بها الفرسان من قبيلتها يتنادون بصيحة الحرب ويقسمون على الموت في الدفاع عنها قبل أن يصل إليها أحد من الأعداء . أنها معركة الذود عن حرمة القبيلة وشرفها وحماها وعزها وكرامتها .
ولا يخلوا الشعر العربي من مواقف يذكر فيها الشعراء كيف أن نساءهم تسير على أثارهم في المعارك تذكي نار الحماسة في المحاربين وتستحثهم على متابعة القتال وتردهم عن أن يتراجعوا أو ينكصوا في الحرب يقول عمرو ابن كلثوم :
على آثارنا بيض كرام = نحاذر أن تفارق أو تهونا
أخذن على بعولتهن عهدا = إذا لاقوا كتائب معلمينا
ليستلبن أبدانا وبيضا = وأسرى في الحديد مقرنينا
ثم أخذت العادة تتبلور عند البدو وتتخذ شكلا له مسحة دينية بحيث اصبح كما هي اليوم عند الرولة . فالعطفة عندهم شي مقدس .
والظاهر أن هذه العادة عادة الإعتماد على فتاة أو امراة تلهب حماسة المحاربين عند الملمات كانت مألوفة في تاريخ العرب القدماء . ولعل يوم حليمة اشهر مايمكن أن نذكر في هذه السبيل ، فقد كان يوما حاسما في تاريخ القبيلة ، وكان أخوها ابن الحارث قد ذبحه أعداؤه ضحية لآلهتهم ، فتنادى أهلها للثأر ، وركبت حليمة في القوم توزع على الفرسان الطيب ، وتحمسهم للثأر ولثبيت ملك أبيها وعز قبيلتها .
وفي معلقة الحارث بن حلزة اليشكري إشارة واضحة إلى مثل هذه العطفة عند ملوك بني غسان حين قال :
إذ أحل العلاة قبة ميسون = فأدنى ديارها العوصاء
وروي أن عمرو ابن هند لما قتل أبوه وجه أخاه النعمان وحشد مع اخوه من قدر عليه من أهل مملكته ، وأمره ان يقاتل بني غسان ومن خالف من بني تغلب ، فلما صار إلى الشام قتل ملكا من غسان واستنقذ أخاه امرأ القيس ابن المنذر وأخذ بنتا للملك في قبة لها وهي ميسون التي ذكرها الحارث بن حلزة .
ولقد كان يوم الجمل الذي ظهرت فيها عائشة أم المؤمنين رضي الله عنه تخطب في القوم تلك المعركة الفاصلة بين علي بن أبي طالب وبين صهريها الزبير وطلحة رضي الله عن الجميع يوما فاصلا في تاريخ النزاع الداخلي . وقد زعموا أن جملها أصبح كالقنفذ لكثرة ما أصابه من السهام وما بلغوا إليه حتى قتل حوله خلق كثير ، فلما بلغوا إليها وعقروا جملها ووقعت بيد علي أنتهت المعركة وقرر المصير .
ومن تقاليد البدو اليوم أنه متى أسرت العطفة انكسرت القبيلة واضطرت إلى أن ترضخ لخصومها وتسلم لهم بالتفوق والغلبة ولا ترد العطفة ، ولايعود للقبيلة المغلوبة حق في حيازة عطفة ثانية .
ولعل سياح الفرنجة في القرنين الأخيرين كانوا أول من تنبه إلى هذه الظاهرة في حياة البدو الحربية . فقد ذكر بيركهارت العطفة في حديثه عن معارك حدثت في الجزيره العربيه غير أن بلجريف ذكر عطفة عند عرب العجمان وزعم أنهم يسمونها هدية ، وأشار إلى معركة نشبت بينهم وبين النجديين من عرب فيصل بن عبد الله بن سعود في منتصف القرن التاسع عشر انتهت ببلوغ النجديين عطفة العجمان فتقدم فارس منهم نسي اسمه من الفتاة وطعنها بالرمح فقتلها وغلبت على أمرها العجمان وكذلك ديكسون أن هناك عطفات في جنوبي الجزيرة العربية .
وزعمت الشي نفسه الليدي آل بلنت ولكنها ذكرت أن سبب زوال العطفة من القبائل الأخرى هو ندرة ريش النعام الذي يزينونها به
ويزعم بعض البدو أنه كان لكل قبيلة عطفة بها.
شعر الفارس خلف الأذن الزيد الشعلان في المركب [ العطفة ] :
ان قدم المركب وعنده حقلنا = كم راس شيخ عن كتوفه نشيله
هذي فعول جدودنا هم وأهلنا = بالسيف نقدي تايهين الدليله
ماننعشق للبيض لو مافعلنا = ولا تلكد بعقوبنا كل أصيله
يقصد أنهم يقدمون العطفة ثم يلتفون عليها مجتمعين فيفتكون بأعدائهم ويقطعون رؤوس الكثيرين من شيوخ القبائل التي تناوئهم .:
والخلاصة من كل هذا أقول :
أن العطفة من عادات القبايل في الحروب وقد يكون في السابق لكل قبيلة عطفة أو لبعض القبايل دون بعض وبغض النظر عن ذلك فإن معظم القبائل فقدت هذه العطفة ولا اعلم قبيلة حافظت على عطفتها وملكتها إلى اليوم ولم يعد لها وجود .